تتجه الأنظار بعد توقف الحرب الإسرائيلية في غزة إلى اليمن، الذي يعيش منذ عامين حالة ركود سياسي تام، مع تفاقم الأزمات المعيشية والإنسانية الناتجة عن الصراع الاقتصادي الذي ظل مشتعلاً طوال الفترة الماضية على المستويات كافة.
وبدأت بعض المحاولات بالظهور منذ أيام لتحريك العملية السياسية باتجاه حلحلة التعقيدات في الملف الاقتصادي على المستويات النقدية والمالية والمصرفية والنفطية، وقضية الموانئ والاستيراد، والأهم ما يتعلق بالنقل الجوي، مع توقف تشغيل رحلات الخطوط الجوية اليمنية من مطار صنعاء إثر القصف الإسرائيلي الذي دمّر نصف أسطول الخطوط الجوية اليمنية، متسبباً بأزمة ومعاناة واسعة تفوق قدرات الناقل الوطني واليمنيين على تحملها.
وعلمت "العربي الجديد" في هذا الخصوص، من مصادر مطلعة، أنّ هناك جهوداً واسعة يشهدها اليمن وضغوطاً متزايدة تتعرض لها الخطوط الجوية اليمنية لدفعها باتجاه إعادة رحلة "صنعاء - عمّان" المتوقفة منذ نحو خمسة أشهر، إذ يأتي ذلك في الوقت الذي لم تعد تمتلك في أسطولها سوى ثلاث طائرات فقط لتشغيل رحلاتها من مطار عدن ومطارات أخرى في نطاق إدارة الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً.
وأكدت مصادر ملاحية رسمية لـ"العربي الجديد" أن الخطوط الجوية اليمنية تستعد لإضافة طائرة جديدة إلى أسطولها خلال الفترة القادمة، مع نهاية العام الحالي 2025 أو مطلع العام القادم 2026، وذلك في ظل تزايد الضغوط عليها بعد إغلاق مطار صنعاء الذي يستفيد منه أكثر من 70% من السكان، حيث فاقم إغلاقه معاناة المواطنين، خاصة المرضى الذين أصبحوا يكابدون رحلات شاقة ومكلفة للوصول إلى عدن والمناطق الحكومية للسفر.
في السياق، يقول المواطن عماد الرماح من سكان صنعاء لـ"العربي الجديد" إنه تمكن وأسرته خلال الشهر الماضي من السفر إلى العاصمة الأردنية عمّان بعد معاناة شاقة وخسارة مبالغ مالية باهظة للحصول على التذاكر، ومن ثم تكاليف التنقل المضني إلى عدن عبر طريق الضالع الذي أُعيد فتحه مؤخراً، بعد أن ظلّ مغلقاً لأكثر من ثماني سنوات.
يكلّف التنقل من صنعاء إلى عدن، بحسب نوع المركبة المستخدمة، ما بين 25 ألف ريال و40 ألفاً (47 - 75 دولاراً أميركياً بسعر الصرف في صنعاء، وهو 533 ريالاً للدولار، وما بين 15 دولاراً و45 بسعر الصرف في عدن، وهو 1617 ريالاً للدولار الواحد). يقتصر ذلك على التنقّل بالحافلات الكبيرة التابعة لشركات السفر، أو الحافلات الصغيرة العاملة في هذه الخطوط، إذ تكون التكاليف أقل مقابل مشقة واسعة وعراقيل كثيرة في الطرقات، وفق حديث مواطن آخر، هاني العريقي، لـ"العربي الجديد"، إذ لا يستطيع المرضى والمسنون التنقل عبرها، فيما يكلف استئجار سيارة خاصة وحديثة مبلغاً يتراوح بين 150 دولاراً و300، وهو ما يعجز كثير من المواطنين عن دفعه.
أما المواطن خالد العواضي، فينقل جزءاً آخر من المعاناة والتكاليف، يتعلق بالإنفاق على الوجبات والفنادق عند الوصول إلى عدن والبقاء فيها لأيام تتراوح بين يوم وثلاثة أو حتى سبعة أيام في انتظار موعد السفر. وقال الخبير الاقتصادي في صنعاء، رشيد الحداد، لـ"العربي الجديد"، إن إعادة تشغيل مطار صنعاء باعتماد رحلات جديدة ضرورة إنسانية ملحّة لا علاقة لها بالصراع السياسي، بل هي عمل إنساني بحت، وليست منّة من أي طرف، بل حق أصيل للشعب اليمني، مشيراً إلى أن القرار بيد شركة طيران اليمنية، الناقل الجوي الوطني.
وبحسب الحداد، فإن الأضرار الإنسانية الناتجة عن توقف الرحلات الجوية بعد استهداف العدوان الإسرائيلي عدداً من الطائرات العاملة في نقل الركاب من وإلى مطار الملكة علياء في الأردن، أدت إلى وفاة عشرات المواطنين الذين كانوا بحاجة للسفر لتلقي العلاج. ويؤكد أن اليمنيين لا يسافرون إلى الخارج للنزهة، بل للعلاج أو الدراسة أو الأعمال، بخاصة أنّ البديل المتمثل بالسفر عبر مطار عدن ليس متاحاً للجميع ويكلف مبالغ باهظة.


            
            
            
            
            


