صدم قرار حكومي قطاع الطيران في اليمن الذي يعاني من أزمة طاحنة تعصف به، بسبب تبعات الصراع والانقسام الراهن في البلاد، واستهداف العدوان الإسرائيلي الذي دمر أكثر من نصف أسطول الخطوط الجوية اليمنية.
وأحدث القرار، الصادر الاثنين الماضي عن الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، بشأن حظر استخدام العملات الأجنبية بديلاً عن العملة الوطنية في المعاملات التجارية والخدمية والتعاقدات المالية في البلاد؛ ضجة كبيرة في اليمن بالنظر إلى الوضع الراهن في ظل وجود عملتين، ونظامين مختلفين للتداول النقدي والمصرفي. نص القرار على أن يكون التعامل في جميع أنحاء المناطق والمحافظات اليمنية الواقعة في نطاق الحكومة المعترف بها دولياً في كل المعاملات التجارية من بيع وشراء السلع والخدمات والتعاقدات المالية بالعملة الوطنية (الريال).
وبموجب القرار؛ تحظر الحكومة استخدام العملات الأجنبية بديلاً عن الريال اليمني في أي معاملات تجارية أو خدمية داخل الجمهورية اليمنية، والتي لا تتطلب الدفع بالعملة الأجنبية مثل الرسوم الدراسية والعلاجية والإيجارات وتذاكر السفر. هذه الأخيرة تسببت بإرباك في قطاع الطيران ومبيعات التذاكر في ظروف الوضع الراهن مع عدم تشغيل الخطوط الجوية اليمنية لأيّ رحلات من صنعاء أو مناطق نفوذ الحوثيين، إذ يرى كثيرون في قطاع الطيران أن الانقسام النقدي وفارق سعر الصرف يتطلبان مراعاة الخطوط الجوية اليمنية في مبيعات تذاكر السفر، والاستمرار ببيع التذاكر كما هو قائم حالياً بالدولار.
المصرفي اليمني، علي التويتي، يختلف مع ما يذهب إليه مسؤولون ومختصون في قطاع الطيران والخطوط الجوية اليمنية، حيث يرى في حديث لـ"العربي الجديد"، أن حظر التعاملات بالعملات الأجنبية أهم قرار أصدرته الحكومة حتى الآن، ويجب الالتزام به للحفاظ على سعر العملة المحلية من التدهور، ومنع فقدان الاحتياطي من النقد الأجنبي، الأمر الذي قد يجعل الحكومة عاجزة عن الوفاء بالتزاماتها.
يتابع: "أما أسعار تذاكر الطيران، فيمكن تسعيرها بالريال بقيمته في عدن دون مشكلة، فالمسافر القادم من صنعاء سيدفع بهذه الكتلة النقدية، وحتى الحجز من صنعاء يمكن أن يتم بشراء الريال الرسمي مقابل الدولار أو الريال السعودي ودفع قيمة التذكرة، ولا توجد أي مشكلة إطلاقاً". هذا في حال كان الصرف مستقراً، أما إذا كان متغيراً؛ يقول التويتي: "فستكون هناك مشكلة فعلاً كبيرة، خاصة في فوارق الصرف في عدن بين السعر الرسمي والسعر في السوق السوداء، أما بخصوص الفارق بين صنعاء وعدن فقد لا تكون هناك مشكلة، بسبب وجود عملتين منفصلتين". وكانت الخطوط الجوية اليمنية تبيع التذاكر بالريال اليمني، باعتبارها شركة وناقلاً وطنياً، لكن ما حصل من انقسام واختلاف العملة، حيث أصبحت العملة في عدن غير العملة في صنعاء من حيث القيمة أمام العملات الأجنبية؛ لجأت الخطوط الجوية اليمنية لبيع التذاكر بالدولار ليكون سعر التذكرة موحداً ويشمل جميع اليمنيين.
المحلل الاقتصادي نبيل الشرعبي، يقول في هذا الصدد لـ"العربي الجديد"، إن المشكلة ستتفاقم مع وجود انقسام نقدي بين عدن وصنعاء، وفارق كبير في سوق الصرف، وفوق هذا عدم وجود احتياطي نقدي أجنبي قائم ومعلن عنه لدى مركزي عدن، ما يعرض السوق لهزات من جراء استنزاف العملات الصعبة للاستيراد دون وجود موارد تعوض دورة النقد الأجنبي المفقود. ويشير إلى تأثير هذا القرار على قطاع الطيران، خاصة بعد إجراء ترتيبات أخيراً لعودة شركات خارجية عربية وعالمية للعمل من عدن أو غيرها من محافظات الحكومة المعترف بها دولياً، مؤكّداً أن الحكومة ستضطر لفتح المجال للتعامل بالعملات الأجنبية أو ستكون أمام خيار مرّ وهو إغلاق الباب أمام عودة الشركات الخارجية لمزاولة أي أنشطة من المحافظات الواقعة تحت إدارة الحكومة.