الرئيسية > محلية > بدعم إيراني.. هل وصل الحوثيون إلى سواحل السودان؟

بدعم إيراني.. هل وصل الحوثيون إلى سواحل السودان؟

تثير الهجمات المتواصلة للحوثيين في اليمن على سفن في البحر الأحمر، تساؤلات حول قدرة هؤلاء على مواصلة هذه الهجمات على الرغم من الاستهدافات العديدة التي تعرضوا لها من قبل الجيش الإسرائيلي، وسط معلومات تتحدث عن أن الحوثيين وسّعوا نفوذهم ليصل إلى السواحل السودانية. وأكدت مصادر سياسية ودبلوماسية يمنية وأجنبية، لـ"العربي الجديد"، أن جماعة الحوثيين وبدعم إيراني نقلت نشاطها إلى الدول الأفريقية المطلة على البحر الأحمر، وفي مقدمتها السودان لإيصال وتهريب الأسلحة إلى اليمن بعد تضييق الخناق عليها في البحر العربي والمحيط الهندي. ويأتي هذا التغيير بعد خسارة الحوثيين أغلب شحنات التهريب وبعد أن تعقدت طرق التهريب في هذه المناطق. وذكرت المصادر أن عدداً من الدول باتت مدركة أن الحوثيين نفذوا هجمات بالقرب من سواحل السودان، كما ينشطون في سواحل الصومال وجيبوتي لمتابعة حركة السفن، إضافة إلى أن هناك تحقيقات مشتركة ضمن القوات البحرية المشتركة أثبتت حصول الحوثيين على مواد كيميائية، الكثير منها تم تهريبه عبر الساحل السوداني.

ضبط شحنة أسلحة حوثية

وفي الثاني من أكتوبر/تشرين الأول الحالي، كشفت الأجهزة الأمنية في ميناء الحاويات بعدن، عن تفاصيل ضبط شحنة أسلحة حوثية في أغسطس/آب الماضي على متن سفينة تجارية قادمة من جيبوتي في طريقها إلى ميناء الحديدة. وتتكون الشحنة من 58 حاوية شحن تجارية، تزن أكثر من 2500 طن من الأسلحة والمعدات العسكرية، أبرزها طائرات مسيّرة، ومنصات إطلاقها، ومعدات لإنتاج الطائرات المسيّرة والأسلحة وقطع غيارها. وتحتوي الشحنة على قطع غيار للعديد من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة وأجهزة الاتصالات اللاسلكية، والطائرات المسيّرة، وأجهزة مراقبة وتجسس وتشويش، ورقائق إلكترونية لأجهزة التحكم بالطائرات المسيّرة.

وقال الضابط في الجيش اليمني التابع للحكومة المعترف بها دولياً حسين الآنسي، لـ"العربي الجديد"، إن الجيش اليمني ممثلاً بقوات خفر السواحل اليمنية وبتنسيق كامل مع قوات التحالف العربي والتحالف الدولي الموجود في محيط المياه الإقليمية اليمنية، تمكن من إحباط تهريب شحنات أسلحة لجماعة الحوثيين تم تهريبها بمساعدة عناصر إيرانية عبر سواحل السودان. وتم القبض على عدد من عناصر حوثية أثناء محاولة تهريب هذه الشحنات إلى داخل اليمن واعترفوا باستخدام سواحل السودان لعمليات التهريب.

وكشف أيضاً عن وجود حركة نشطة للحوثيين والإيرانيين خلال الفترة الأخيرة في أراضي وسواحل السودان، علمت بها قيادة الجيش اليمني من دول حليفة، تؤكد عقد الحوثيين لقاءات مع مهربين وتجار أسلحة وبعض العناصر الأجنبية، متورطة معها في استهداف السفن في البحر الأحمر. وعما إذا كان هذا النشاط في السودان وليد اللحظة أم أنه قديم، أشار الآنسي إلى أن الحوثيين حصلوا على دعم إيراني باستغلال الأراضي السودانية خلال السنوات الماضية، لكنه لم يكن ذات تأثير كبير لأنه كان خط تهريب بديلا لبعض المعدات والأسلحة الخفيفة والذخيرة الإسعافية، نظراً لأنهم كانوا يستخدمون سواحل دول القرن الأفريقي مثل الصومال وجيبوتي وإريتريا وإثيوبيا كخط تهريب رئيسي لهم.

 

وكانت السواحل الصومالية هي الأكثر استخداماً، لكن التشديدات الجديدة خلال السنة الماضية والحالية التي اتخذها التحالف العربي والحكومة الشرعية إلى جانب أميركا وبريطانيا ومن معها، أضرّ كثيراً في خط تهريب الحوثيين الأول. وأكد الآنسي أن الحوثيين فتحوا خط تهريب من السودان، ليكون خطاً رئيسياً بدعم إيراني مستغلين الحرب الأهلية في السودان لاستخدام السواحل السودانية المنفلتة المطلة على البحر الأحمر ليعوّضوا خطوطهم التي تضررت بفضل الرقابة الشديدة والملاحقة الدولية لهم. وكشف أن قيادة الجيش اليمني لديها معلومات كافية عن محاولات إيران وجماعة الحوثي فتح خطوط تهريب جديدة ليس فقط في السودان ودول القرن الأفريقي بل أبعد من ذلك، وتتم ملاحقتهم بالتعاون مع التحالف الدولي الموجود في محيط اليمن، فضلاً عن أن الحوثيين ليسوا وحدهم، بل هناك تنسيق بينهم وبين حركة "الشباب المؤمن" في الصومال وجماعات تهريب في السودان.

هذه المعلومات أكدها "منتدى الشرق الأوسط" في تقرير نشره في 30 سبتمبر/أيلول الماضي، تحت عنوان "توسّع الحوثيين في السودان يُهدد بصراع أوسع". اللافت أن هذا التقرير أعده فرناندو كارفاخال، الذي سبق له أن عمل في فريق خبراء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة المعني باليمن من إبريل/نيسان 2017 إلى مارس/آذار 2019 كخبير في شؤون الجماعات المسلحة والإقليمية وهو متخصص في السياسة اليمنية والعلاقات القبلية.

وأشار التقرير إلى هجومي الحوثيين على سفينتي "سكارليت راي" و"إم إس سي آبي" في أوائل سبتمبر الماضي بالقرب من ميناء ينبع السعودي على البحر الأحمر، اللذين يظهران أن "الحوثيين يحتفظون بقدرات تتجاوز شواطئهم". وبحسب التقرير، فهذان الهجومان "حددا علامة شمالية جديدة لمدى الحوثيين" على بعد حوالي 600 ميل (965.606 كيلومتراً) من شواطئ اليمن. وكان الهجومان على سفينتي "سكارليت راي" و"إم إس سي آبي" على بُعد 160 ميلاً (257.5 كيلومتراً) فقط من الساحل السوداني. ونقل التقرير عن هشام المقدشي، النائب السابق للملحق العسكري اليمني في واشنطن، قوله إن الهجوم بالمسيّرات على "إم إس سي آبي" انطلق من مركب صيد شراعي بالقرب من سفينة الحاويات. وبحسب التقرير، فإن إطلاق المسيّرات أو الصواريخ قد يكون تم من ساحل السودان. ولفت إلى أنه "فيما تعمل الحكومة الشرعية في اليمن، على إغلاق طرق التهريب من عُمان وبحر العرب، يستغل الحوثيون طرق التهريب اليمنية القديمة، والتي عززتها إيران، لإقامة علاقات مع حركة الشباب الصومالية ومع قراصنة بونتلاند. ويبدو أن إيران تُسهّل الآن توسع الحوثيين في السودان. ويستفيد الحوثيون من الموانئ والمستودعات في بورتسودان ومحيطها، ويمكنهم استخدام مطارها كنقطة عبور للأسلحة والتكنولوجيا".

من اليمن إلى السودان

وأضاف التقرير أن "الأدلة تشير إلى أن إيران نقلت طائرات مهاجر-6 وأبابيل المسيّرة وأنظمة صواريخ إلى القوات المسلحة السودانية ابتداءً من أكتوبر 2023. ويستمر تدفق الأسلحة مع فرض إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب عقوبات جديدة على (قائد الجيش السوداني، رئيس مجلس السيادة) عبد الفتاح البرهان وحلفائه الإسلاميين، بما في ذلك لاستخدامهم الموثق للأسلحة الكيميائية. كما فرضت الولايات المتحدة عقوبات على كتيبة البراء بن مالك. وتُعد هذه المجموعة محورية في العمليات العسكرية في بورتسودان ضد قوات الدعم السريع التي تقاتل البرهان. وبالتالي، فهي جزء من الشبكة التي تنقل إليها إيران الأسلحة. وهذا يثير مخاوف بشأن احتمال وصول الحوثيين إلى الأسلحة الكيميائية لتهديد جيرانهم أو استخدامها ضد القوات اليمنية المنافسة". يأتي هذا فيما تدفع الرباعية الدولية المسؤولة عن الملف اليمني ممثلة في السعودية والإمارات والولايات المتحدة وبريطانيا، إلى زيادة فاعلية نشاط القوات البحرية المشتركة الدولية لدعم اليمن وقوات خفر السواحل اليمنية بمشاركة 35 دولة حول العالم، لزيادة الحصار على الحوثيين وقطع كل خطوط الإمداد والتهريب لهم.

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)