في موجة هجمات إسرائيلية على الأراضي الإيرانية طاولت مواقع نووية وعسكرية وحارات سكينة، خاصة في العاصمة طهران، تعرضت شخصيات إيرانية عدة إلى عمليات اغتيال، أكدت وسائل إعلام إيرانية مقتل بعضهم وإصابة آخرين بجروح. وقال المرشد الإيراني علي خامنئي، في بيان، إن "على الكيان الصهيوني أن ينتظر عقابا صعبا"، مضيفا: "لن ترك اليد القوية للقوات المسلحة الإيرانية الكيان الصهيوني". وأضاف: "رسم الكيان الصهيوني بهذه الجريمة مصيرا مريرا ومؤلما لنفسه، وسيواجهه حتما". وتابع: "ارتقى عدد من القادة والعلماء شهداء في هجمات العدو، وسيتابع خلفاؤهم وزملاؤهم أداء مهامهم دون تأخير".
وأبرز من تأكد اغتيالهم حتى الآن وفق الإعلام الإيراني الرسمي، القائد العام للحرس الثوري الإيراني الجنرال حسين سلامي والرئيس الأسبق لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية فريدون عباسي ورئيس الجامعة الحرة الإسلامية مهدي طهرانجي ورئيس مقر خاتم الأنبياء التابع للحرس الثوري اللواء غلام علي رشيد.
إلى ذلك أيضا، ذكرت وكالة فارس الإيرانية أن ثمة أنباء تشير إلى "استشهاد رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد باقري". لكن لم تؤكد السلطات الإيرانية بعد هذا النبأ.
كذلك، أكدت وكالة نور نيوز الإيرانية إصابة مستشار المرشد الإيراني الأمين السابق لمجلس الأمن القومي الإيراني علي شمخاني بـ"جروح بالغة" في استهداف مقر إقامته في طهران، مشيرة إلى أنه جرى نقله إلى المستشفى.
أعلن التلفزيون الإيراني مقتل اللواء محمد باقري، رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، وبذلك، يكون باقري أرفع قائد عسكري إيراني اغتيل في الهجمات الإسرائيلية على إيران فجر اليوم الجمعة. ومحمد حسين أفشردي، المعروف بمحمد باقري، وُلد عام 1959 في مدينة طهران. وهو شقيق حسن باقري (غلام حسين أفشردي) الذي كان أول مسؤول لجهاز الاستخبارات والعمليات في الحرس الثوري الذي قتل في الحرب الإيرانية العراقية.
وعن سبب تغيير اسم العائلة من "أفشردي" إلى "باقري"، يروي محمد باقري: "في الشهر الأول للحرب (مع العراق)، ذهبت إلى الأهواز وشاركت في جبهة خوزستان، وهناك أخبرني أخي أن اسمه في الجبهة لأسباب أمنية أصبح حسن باقري. حاولت أن أستخدم اسمي الحقيقي، لكن تشابه ملامحنا كان كبيرا لدرجة أن الجميع أدرك أننا أخوان، ولهذا غيّرت اسمي كذلك وأصبحت محمد باقري، ومن باب الاحترام له، بقيت أحمل هذا الاسم".
في عام 1983 حين كان في الـ23 من عمره، تولّى رئاسة الاستخبارات في الفرق الإيرانية، وظل حتى نهاية الحرب الإيرانية العراقية، قائدا لاستخبارات القوات البرية للحرس الثوري ومقرّي كربلاء وخاتم الأنبياء. وبعد الحرب، انتقل باقري إلى هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة، وشغل هناك منصب رئيس إدارة الاستخبارات، ثم نائب رئيس شؤون الاستخبارات والعمليات، ثم رئيس هيئة الأركان والشؤون المشتركة للقوات المسلحة.
إلى جانب التدريس في جامعة الدفاع الوطني العليا وجامعة تربية مدرس في طهران، عُيّن عام 2007 (وهو في السابعة والأربعين) نائب قائد مقر خاتم الأنبياء لشؤون التنسيق. وفي عام 2008، في الـ48 من عمره، نال باقري رتبة لواء من المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي الذي يعتبر القائد العام للقوات المسلحة. في 28 يونيو/حزيران 2016، عينه خامنئي رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة خلفا للواء حسن فيروز آبادي. وقد نال اللواء باقري وسامَي فتح من الدرجة الثالثة ووسام فتح من الدرجة الثانية، إلى جانب وسام النصر من القائد الأعلى للقوات المسلحة الإيرانية.
في 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، أدرجت وزارة الخزانة الأميركية محمد باقري مع تسعة آخرين في قائمة العقوبات. ألّف باقري كتبا في مجالات الجيوبوليتيك لمنطقة القوقاز وغرب آسيا، وكذلك القانون الدولي البحري للجمهورية الإسلامية في الخليج ومضيق هرمز. وهو عضو في القطب العلمي للجغرافيا السياسية في البلاد وعضو مؤسس في الجمعية الإيرانية للجيوبوليتك.
وُلد القائد العام للحرس الثوري الإيراني اللواء حسين سلامي عام 1959 في مدينة غلبايغان التابعة لمحافظة أصفهان. مع اندلاع الثورة الإسلامية عام 1979، انضم إلى جامعة العلم والصناعة لدراسة الهندسة الميكانيكية. وبعد الثورة الثقافية، وبالتزامن مع بدء الحرب المفروضة في نوفمبر 1980، التحق بالحرس الثوري الإيراني وانتقل إلى جبهات القتال في الحرب الإيرانية العراقية. وخلال هذه الحرب، احتل سلامي مناصب قتالية متعددة ضمن فرقة كربلاء 25، وفرقة الإمام الحسين 14، ومقر بحرية نوح. كما تولى مسؤوليات قيادية وقتالية في محافظة كردستان الإيرانية خلال الحرب في ثمانينيات القرن الماضي. بعد انتهاء الحرب التي استمرت ثماني سنوات، التحق اللواء سلامي بدورة كلية القيادة والأركان، كما حصل على شهادة الماجستير في إدارة الدفاع من جامعة آزاد الإسلامية. وعمل أيضا على التدريس في كلية القيادة والأركان للحرس الثوري، تخرّج أيضاً من جامعة العلم والصناعة في فرع الهندسة الميكانيكية.
كان اللواء حسين سلامي يُعد مؤسس الدورة العليا للحرب وقائدها بين عامَي 1992 و1997، كما شغل من عام 1997 حتى 2005 منصب مساعد رئيس هيئة العمليات في الأركان المشتركة للحرس الثوري من عام 1997 حتى عام 2005. كما تولّى قيادة القوة الجوّية التابعة للحرس الثوري من عام 2005 حتى 2009، فضلا عن منصب نائب القائد العام للحرس الثوري الإيراني من عام 2009 حتى عام 2019. وكان يشغل منصب القائد العام للحرس الثوري منذ مايو 2019 وحتى اليوم الجمعة قبل اغتياله. وفي آخر تصريح له أمس الخميس، أكد القائد العام للحرس الثوري الإيراني حسين سلامي، الذي اغتيل في هجمات فجر اليوم، أن "ردنا القادم على الصهاينة لن يكون من نوع عمليات الوعود الصادقة فحسب، بل سيكون أشدّ قسوة وأشدّ تدميرا وتخريبا".
غلام علي رشيد
اللواء غلام علي رشيد، قائد مقر خاتم الأنبياء التابع للحرس الثوري الإيراني، هو قائد إيراني آخر اغتیل اليوم الجمعة في الهجمات الإسرائيلية، حيث قُتل في الاستهداف مع نجله. وُلد غلام علي رشيد علي نور عام 1953 في مدينة دزفول في محافظة خوزستان جنوب غربي إيران، التحق في شبابه بالفرقة 92 المدرعة في الأهواز. وقد نال رشيد شهادة الماجستير في الجغرافيا السياسية من جامعة طهران، والدكتوراه في الجغرافيا السياسية من جامعة تربية مدرس في العاصمة. بدأ نشاطه السياسي ضد نظام الشاه الملكي منذ عام 1971 ضمن مجموعة "منصورون"، قبل أن يتعرض للاعتقال مرتين على يد جهاز السافاك الأمني قبل انتصار الثورة الإسلامية عام 1979.
وبعد الثورة، كان من أوائل المنضمين إلى الحرس الثوري بعد تشكيله، وتولى أول مهامه نائبا لشؤون المعلومات والعمليات في حرس مدينة دزفول. وفي 4 نوفمبر 2019، فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على تسعة من المقربين للمرشد الأعلى علي خامنئي، من بينهم غلام علي رشيد، موجهة إليهم اتهامات بالتورط في ما وصفته بأنه "سلوكيات النظام الشريرة". وفي بيانها، وصفت وزارة الخزانة الأميركية مقر خاتم الأنبياء المركزي الذي كان يديره رشيد بأنه "أهم مركز قيادة عسكري في إيران"، ويعمل تحت إشراف هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة، ومهمته الأساسية تنسيق عمليات القوات المسلحة الإيرانية.
وتولى رشيد مناصب قيادية عليا في البلد، منها نائب رئيس أركان العمليات في الجنوب، ونائب قائد القوات البرية للحرس الثوري ومعاون المعلومات والعمليات في هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة، ونائب رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة ومعاون الشؤون الدفاعية في الأمانة العامة لمجلس الأمن القومي الأعلى، وأخيرا قائد المقر المركزي خاتم الأنبياء.
وفقا للإعلام الرسمي الإيراني، كان البرلماني والرئيس الأسبق لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية فريدون عباسي دواني من بين الشخصيات العلمية النووية التي اغتالتهم إسرائيل في هجماتها صباح اليوم. وُلد عباسي دواني عام 1958 في مدينة كازرون في محافظة فارس جنوبي إيران. تخرج عباسي في عام 1984 من جامعة شيراز في اختصاص الفيزياء النووية، ثم نال درجة الدكتوراه من جامعة فردوسي في مشهد عام 1987، كما حصل على دكتوراه الهندسة النووية من الجامعة الصناعية أمير كبير في عام 2002. وكان عباسي من الطلبة الإيرانيين الذين ثاروا ضد نظام الشاه، وبُعيد انتصار الثورة الإسلامية، التحق بصفوف الحرس الثوري.
ومنذ عام 1993، تولى عضوية الهيئة العلمية في كلية الفيزياء بجامعة الإمام الحسين التابعة للحرس الثوري، ولاحقا تولى رئاسة الكلية. وفي عام 2007، اختير أستاذا نموذجيا على مستوى البلاد من قبل الرئيس الإيراني آنذلك محمود أحمدي نجاد، وكُرّم في مراسم أقيمت بجامعة شهيد بهشتي في 19 أكتوبر/تشرين الأول 2010. كما كان عضوا في المجلس المركزي للجمعية النووية الإيرانية.
وتعرّض عباسي لمحاولة اغتيال مع زوجته في 29 نوفمبر 2010 في ميدان دانَشجُو بطهران، أُصيب خلالها بجروح، وفي اليوم نفسه، اغتيل العالم النووي مجيد شهرياري في عملية أخرى. وفي فبراير 2011، عُيّن الدكتور عباسي من قبل أحمدي نجاد نائبا للرئيس ورئيسا لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية. كما كان ينوب قبل اغتياله عن سكان مدينتي كازرون وكوه جنار في مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان).
طهرانجي من مواليد 1965 في طهران، كان عالما نوويا آخر اغتالته إسرائيل في هجماتها اليوم الجمعة. وكان طهرانجي أستاذا في كلية الفيزياء بجامعة شهيد بهشتي. في يوليو 2017، عُيّن عضوا في مجلس أمناء جامعة "آزاد" الإسلامية (الجامعة الحرة) بقرار من المجلس الأعلى للثورة الثقافية، وفي نوفمبر 2018، تولّى رئاسة هذه الجامعة.
بدأ طهرانجي مسيرته التنفيذية عام 1998 نائبا تنفيذيا للتخطيط في كلية العلوم، واستمر حتى يناير/كانون الثاني 2017 رئيسا لجامعة شهيد بهشتي. ومن مناصبه العلمية التي شغلها خلال مسيرته العلمية، نائب الشؤون التنفيذية والتخطيط في كلية العلوم بجامعة بهشتي من 1998–1999، ثم رئيس قسم الفيزياء في جامعة بيام نور المفتوحة من 1998–1999، ثم مدير المشروع الرئيسي للفوتونيات في معهد التعليم والأبحاث للصناعات الدفاعية من 2003–2004 وكذلك رئيس جامعة "الشهيد بهشتي" من 2012 حتى يناير 2017، من 19 أغسطس/آب 2018 حتى اليوم، كان يشغل منصب رئيس جامعة "آزاد" الإسلامية.
إلى ذلك، تحدثت وكالة تسنيم الإيرانية عن مقتل ستة علماء نوويين إيرانيين في الهجمات الإسرائيلية، هم رئيس كلية الهندسة النووية في جامعة بهشتي الدكتور عبدالحميد مينوجهر، وعضو الهيئة العلمية في الكلية الدكتور أحمد رضا ذوالفقاري، ونائب رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية أمير حسين فقيهي رئيس معهد العلوم النووية، والعالم النووي مطلبي زادة ورئيس جامعة آزاد الإسلامية العالم النووي محمد مهدي طهرانجي، والرئيس الأسبق لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية البرلماني فريدون عباسي.
ولم تعلن السلطات الإيرانية بعد أرقام القتلى والمصابين في الهجمات الإسرائيلية بعد، لكن وسائل إعلام إيرانية أعلنت حتى الآن بشكل متفرق عن مقتل ما لا يقل عن 16 شخصاً، من بينهم ستة علماء نوويون، وقائدان عسكريان، ورئيس الأركان العامة للقوات المسلحة محمد باقري وقائد الحرس الثوري حسين سلامي، فضلا عن ستة مواطنين من بينهم أطفال ونساء.
وذكر مراسل التلفزيون الإيراني عن استهداف ثلاثة مبان سكنية مكونة من ستة طوابق في حارة باتريس لومومبا شمال غربي طهران وإخراج أربعة شهداء من تحت الركام. كما أعلنت السلطات المحلية في مدينة قصر شيرين في محافظة كرمانشاه، غربي إيران، عن مقتل ما لا يقل عن شخص وإصابة 31 شخصاً آخرين في هجمات إسرائيلية على مواقع مدنية في القضاء منها مركز خسروي للنقل الحدودي بشكل مباشر. إلى ذلك، أعلنت السلطات المحلية في محافظة لرستان، غربي إيران، عن مقتل شخص وإصابة أربعة آخرين في هجوم على مقر 24 العسكري في مدينة بروجرد بالمحافظة.